بحـث
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
راقية العلم | ||||
حسين مدية | ||||
AMAL RAHMA | ||||
كريمان | ||||
maria 2013 | ||||
lakhdari t | ||||
لميس | ||||
houria | ||||
fatiha | ||||
تسنيم |
الجرائم الماسة بسلامة الجسم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الجرائم الماسة بسلامة الجسم
ندرس في هذا الفصل القتل العمد، القتل المقترن بظروف مشددة، قتل الأطفال حديثي العهد بالولادة، التسميم، القتل الخطأ و أعمال العنف العمدية.
القتل العمدي:
تعريف: عرف المشرع الجزائري في المادة 254 القتل العمدي بأنه " إزهاق روح إنسان عمدا " من خلال مراجعة التعريف نلاحظ أنه قاصر من ثلاثة نواحي:
1) لكي يوصف القتل بأنه جريمة لابد أن يتم دون وجه حق لذلك كان يجب على المشرع أن يشير الى وجوب حصول القتل دون وجه حق للدلالة على إنتقاء الجريمة في الحالات التي تتم فيها القتل نتيجة إستعمال حق أو تنفيذ أمر القانون ( الدفاع الشرعي مثلا و تنفيذ حكم الإعدام ).
2) يجب على المشرع أن يشير في تعريفه الى حدوث القتل من شخص آخر للدلالة على إنتقاء وقوع القتل من الإنسان على نفسه ( لتمييزه عن الإنتحار ).
3) يجب على المشرع أن يشير في تعريفه الى ضرورة كون المجني عليه حيا وقت القتل. لأن عبارة روح ليست واضحة لأنه ثبت طبيا أن الإنسان يموت بتوقف قلبه و جهازه التنفسي ثم تبدأ ألا نسجة في التوقف _ موت إلأنسجة ) إذ أن الإنسان لا يموت دفعة واحدة و إنما روحه تنتهي على فترات. و عليه فالإنسان الحي في المجال الجنائي هو الإنسان الذي لم يتوقف قلبه و جهازه التنفسي بعد و هو وحده الذي يصلح ليكون محلا للقتل.
و من خلال هذه الملاحظات يمكن أن نأصل القتل العمد تأصيلا جامعا مانعا على الوجه التالي " القتل العمد هو إزهاق روح إنسان حي عمدا بفعل إنسان آخر دون وجه حق ".
عناصر الجريمة: تتكون الجريمة من عنصرين:
أولا: العنصر المادي: يتمثل العنصر المادي في ثلاثة عناصر:
1)السلوك: لم يضع المشرع وصفا ولا تحديدا لهذا السلوك الذي يصدر من الجاني و عليه فكل فعل يصدر منه يؤدي الى إزهاق روح الإنسان الحي يصلح ليكون عنصرا في الركن المادي و هذا النشاط الصادر من الجاني له مظهرين.
أ) المظهر الإيجابي: و يتمثل في حركة عضلية تصدر من الجاني تؤدي الى الوفاة ( القتل بطلقة من مسدس ).
ب) المظهر السلبي: و هو نشاط سلبي من الجاني تترتب عليه الوفاة.
فهل تتحقق جريمة القتل بالإمتناع؟.
تتحقق جريمة القتل بالإمتناع في حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان الممتنع ملتزما بمقتضى القانون أو العقد لصون حياة المحني عليه و إمتنع عن ذلك تتحقق الجريمة إذا كان الإمتناع هو السبب المباشر في حدوث الوفاة.
مثال: 1) الأم ملتزمة بمقتضى القانون بإرضاع طفلها فإذا إمتنعت عن إرضاعه و مات نتيجة ذلك تتحقق جريمة القتل.
2) الممرضة في مستشفى خاص ملتزمة بمقتضى العقد مع المريض بتقديم الدواء له فإذا إمتنعت و مات المريض تحقق الجريمة.
الخلاصة: تتحقق جريمة القتل بالترك في الحالة التي يكون فيها الممتنع ملتزما بصون حياة المجني عليه بمقتضى العقد أو القانون ولم يتدخل بنية إحداث الوفاة.
الحالة الثانية: إذا كان الإمتناع مسبوقا بفعل إيجابي لا خلاف في الفقه عن مسالة الممتنع في هذه الحالة عن قتل عمدا إذا توافر القصد الجنائي، لأن الإمتناع إذا جاء بعد فعل الجاني فأن هذا الفعل وحده هو الذي يتحمل عبء النتيجة و يكون سببا لها لأن الإمتناع لا يكون إلا تمكينا للفعل الإيجابي من إنتاج أثاره و إستمراره على نحو يؤدي الى تحقيق النتيجة التي يأمل بالفعل الإيجابي تحقيقها.
و في هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية أنه لا نزاع في أن تعجيز شخص عن الحركة بضربة، ضربا مبرحا و تركه في مكان منعزل معدوما من وسائل الحياة بنية القتل، يعتبر قتلا عمدا متى كانت الوفاة نتيجة مباشرة لتلك الأفعال.
وسيلة القتل: لا يشترط أن يتم القتل بوسيلة معينة فقد تكون الوسيلة مادية أو نفسية.
1) الوسيلة المادية: قد تكون الوسيلة المادية قاتلة بطبيعتها ( مسدس ) أو غير قاتلة بطبيعتها و لكنها تؤدي الى الموت بحسب قصد الجاني من إستعمالها (الضرب بعصا ) وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية على وجوب عدم إشتراط وسيلة معينة للقتل.
و كذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه " إذا كانت الأداة التي إستعملت في الجريمة لا تؤدي الى الموت بطيعتها فذلك لا يقلل من أهميتها مادامت المحكمة قد أثبتت إن الإعتداء بها كان بقصد القتل و قد تحقق فعلا بإستعمالها بقوة.
الوسيلة النفسية: جمع الفقه عن إنعدام المانع من إعتبار الوسائل النفسية من وسائل القتل ( التعذيب النفساني لمريض كتنغيص الزوج عن زوجته بقصد قتلها ).
خلاصة: تتحقق جريمة القتل بصرف النظر عن الوسيلة المستعملة سواء كانت مادية أو نفسية مادام هناك علاقة سببية بين سلوك الجاني و الوفاة و مادام قصده الجنائي ثابتا ( 2 ).
محل الإعتداء: لابد أن ينصب سلوك الجاني على إنسان حي غير الفاعل نفسه.
الإنسان: هو كل كائن تضعه المرأة بطريق الولادة، و يخرج من نطاق القتل الجنين قبل الولادة حيث يشكل إعدامه جريمة أخرى هي الإجهاض.
الإنسان الحي: تبدأ حياة الإنسان منذ اللحظة التي ينفصل فيها عن أمه و منذ هذه اللحظة يبدأ الإعتراف القانوني بالحياة حتى اللحظة التي تنتهي فيها هذه الحياة بالوفاة. و عليه يصبح الشخص محل جريمة القتل منذ هذه اللحظة ولكن المشرع الجزائري و الفرنسي إستثنيا الطفل الحديث العهد بالولادة من إمكانية إعتباره محلا لجريمة القتل. و إنما يشكل قتله جريمة أخرى ( قتل الطفل الحديث العهد بالولادة بالنسبة للأم ).
إنتهاء الحياة: تنتهي حياة الإنسان بتوقف قلبه و جهازه التنفسي توقفا تاما و دائما و هذا ما يعتبر عنه في الإصطلاح الفني بموت الفرد و بعد توقف القلب و الجهاز التنفسي تبدأ الأنسجة في التوقف عن العمل و يتم ذلك بعد حوالي ساعتين و هو ما يعبر عنه بموت الأنسجة:
و إنتهاء الحياة يعني عدم صلاحية الإنسان لأن يكون محلا لجريمة القتل
هوية الإنسان: العبرة بحياة الإنسان ولا بهويته و في هذا الصدد تقول محكمة النقض الفرنسية بأن المجني عليه قد لا تعرف هويته و مع ذلك تتحقــق جريمة القتل.
قابلية الإنسان للحياة: يشترط لتحقيق الجريمة أن يكون الإنسان حي ولو لم يكن قابلا للحياة ( لن يعيش طويلا ).
و لا يهم في المجني عليه سوى أن يكون إنسان بصرف النظر عن أي إعتبار أخر ( السن، الجنس، الجنسية ) .
حكم المشوهين: المشوه يعتبر إنسان و يتمتع بالحماية القانونية.
أما إذا وصل التشويه الى درجة تكوينية تخرجه من عداد بني البشر فإن القضاء عليه أمر مباح يناسب المجتمع بل يعد من قبيل الشفقة بالمشوه.
حكم القتل إشفاقا: شكلت هذه المشكلة الفقه و القضاء لأن جوهرها يكمن في أن العدوان الواقع في مثل هذا القتل لا ينبعث عن نفس إجرامية و إنما على العكس عن نفسية رحيمة على الإنسان الذي كان محلا لهذا العدوان ( شخص مريض ميئوس من شفائه يتعذب نتيجة المرض ).
كما سبق أن أشرنا لا يشترط في القتل سوى أن يكون المجني عليه إنسانا حيا ولو كان مريضا مبرحا طالما لم تحن بعد لحظة وفاته الطبيعية فهذا الإنسان يظل محلا لحماية القانون ولا يغير من ذلك أن يكون المريض راضيا بوقوع الفعل عليه، لأن رضاء المجني عليه في مثل هذه الجريمة لا قيمة له كما لا يغير أن يكون الفاعل مدفوعا بدافع السفقة لأن لا عبرة في القانون بالبواعث، و هنالك بعض القوانين تضمنت التخفيف لعقوبة القتل بدافع الشفقة ( اللبناني، السوري، الإيطالي، السويسري) و من الأفضل أن يضمن المنشور الجزائري نصا مخففا لعقوبة القتل بدافع الشفقة لأن المجرم في هذه الحالة ليس مجرما عاديا و لكنه مجرم مثالي يرى إجرامه واجبا عليه مدفوعا لإقترانه بفعل عاصفة نبيلة.
النتيجة: إن النتيجة التي تتولد عن فعل القتل هي إزهاق الروح و هذه النتيجة قد تتحقق إثر النشاط وقد يتراوح تحقيقها زمنا دون أن يؤثر ذلك في مسؤولية الجاني من قتل عمد مادام قصد القتل ثابتا لدى الجاني و توافرت علاقة السببية.
و في هذا الصدد نشير الى حكم لمحكمة النقض المصرية التي أكدت بأنه إذا كان الجاني قد طعن المجني عليه بسكين قاصدا قتله فأحدث جرحا في تجويف الرئة نتجت عنه الوفاة بعد علاج ثمانية و خمسين يوما بالمستشفى فإنه يعد مرتكبا لجريمة قتل عمد.
و النتيجة هنا مدلول مادي يتمثل في الأثر المادي الذي يحدث في الواقع وهو الوفاة.
أما المدلول القانوني للنتيجة فهو عدم مشروعية إزهاق الروح فإذا كان هناك وجه لإباحة القتل فلا جريمة كما في حالة الدفاع الشرعي أو إباحة القتل لأداء واجب كتنفيذ الإعدام على محكوم عليه.
الشروع في القتل: يتمثل الشروع في القتل في إتيان الجاني لفعل يعد بدءا في تنفيذ الركن المادي لجريمة القتل أو إتيان فعل يؤدي حالا و مباشرة الى إرتكاب الجريمة متى كان واضحا و لكنه خاب أثره أو أوقف بسبب لا دخل لإرادته فيه ولو لم تتحقق النتيجة بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها.
و الشروع في القتل قد يكون مرفوقا أو خائبا. و يعاقب على الشروع بنفس عقوبة الجريمة التامة أما بالنسبة للشروع المستحيل فنحن نرى بوجوب العقاب عليه لأنه يماثل الشروع الخائب حيث أن الجاني يستنفذ نشائه الإجرامية و لكن النتيجة لا تتحقق بسبب ظرف مادي يجهله مما يدل على أنه ينم عن خطورة إجرامية تعتبر وحدها كافية لتجريم فعله من جهة و من جهة أخرى فإنه لا يشترط في الجريمة أن تتحقق نتيجتها.
رابطه السببية: يجب أن يقوم بين نشاط الجاني و إزهاق الروح علاقة سببية و هذه العلاقة ذات أهمية من حيث أنها تربط بين عنصري الركن المادي ( الفعل و النتيجة ) فتقيم بذلك و حدة الركن المادي بإسناد النتيجة الى الفعل و بذلك تقرر توافر شرط أساسي لمسؤولية مرتكب الفعل عن النتيجة و هي بذلك تساهم في تحديد المسؤولية إذا لم ترتبط النية بالفعل إرتباطا سببيا و لا تثور مشكلة السببية إذا كان فعل الجاني قد أدى بمفرده الى النتيجة.
( من يطعن شخص فيموت في الحال ) و لكن الصعوبة تثور إذا تعددت العوامل التي ساهمت في إحداث نتيجة واحدة ففي هذه الحالة هل تقوم العلاقة بين الفعل و النتيجة؟ أم هل يجب أن يكون للفعل أهمية خاصة ؟ و مثال أن يطلق شخص عيارا ناريا على آخر فيصيبه في غير مقتل و يكون المجني عليه مريضا بمرض يعاقب أثر الإصابة و يخطىء الطبيب في العلاج أو يهمل المصاب في العلاج بنفسه فيموت، هل تنسب الوفاة الى فعل الجاني أم الى فعل الطبيب أم إلى إهمال المجني عليه ؟.
معيار السببية: تردد القضاء الفرنسي في أحكامه بين نظرية السببية الكافية و نظرية تعادل الأسباب و ذلك طبقا لظروف كل حالة و لمزيد من الشرح راجع كتب النظرية العامة للجريمة.
ثانيا: الركن المعنوي: يتمثل الركن المعنوي في جريمة القتل في القصد الجنائي العام و القصد الخاص.
القصد الجنائي العام: يتمثل في إنصراف إرادة الجاني الى الفعل مع العلم بكافة عناصر الجريمة راجع نظرية القصد الجنائي.
القصد الجنائي الخاص: هو إتجاه نية مرتكب الفعل الى غرض يهدف إليه بنشاطه إلى إزهاق الروح.
العقوبة: عاقب المشرع مرتكب القتل العمد بالسجن المؤبد ( المادة 263/3): …
القتل العمد المقترن بظروف مشددة:
إن القاتل العمد قد يرتكب ظروف تؤدي الى تشديد العقاب على الجاني و هذه الظروف المشددة قد تكون:
1)- إما ظروف خاصة بكيفية إرتكاب القتل.
2)- إما ظروف تتعلق بصفة المجني عليه.
أولا : الظروف الخاصة يكيفية إرتكاب القتل:
تتمثل هذه الظروف المشددة في أربع حالات:
1) القتل مع سبق الأصرار و الترصد.
2) القتل بإستعمال التعذيب و الأعمال الوحشية.
3) القتل المتوافق مع جناية.
4) القتل المتلازم مع جنحة.
الحالة الأولى: القتل مع سبق الأصرار و الترصد:
نصت المادة 255 على أن القتل قد يقترن بسبق الأصرار أو الترصد و يسمى في هذه الحالة بالإغتيال و يوافق هذا التعبير في اللغة الفرنسية كلمة و الجاني عندما يرتكب جريمة في هذه الظروف يقوم بخطورة إجرامية تميزه عن مرتكبي القتل لذلك رأى المشرع وجوب إعدامه.
و قد عرف المشرع كلا من سبق الأصرار و الترصد.
سبق الإصرار: عرفت المادة 256 سبق الإصرار بأنه عقد العزم قبل إرتكاب الفعل على الإعتداء على شخص معين أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته حتى لو كانت هذه النية متوفرة على أي ظرف أو شرط كان.
و قد إستقر الفقه في فرنسا على أنه يلزم لتوافر سبق الاصرار عنصرين:
العنصر الزمني: و مفاده مضي مدة من الوقت بين إتجاه الإرادة الى القتل و تنفيده، و يستفاد هذا العنصر من نص المادة سالفة الذكر التي تقول أن " سبق الاصرار هو عقد العزم " فسبق الاصرار يفترض إتخاذ قرار مسبق .
العنصر الثاني: أن يفكر الجاني تفكيرا هادئا يدبر به إرتكاب الجريمة و يهيئ وسائل تنفيذها.
و خلاصة القول فإن مضي فترة زمنية بين عقد العزم على إرتكاب الجريمة و بين إرتكابها دليل كاف على توافر سبق الاصرار، و إلا نستطيع أن تقرر بأن الجاني لم يرتكب جناية مرتجلة و إنما فكر فيها أو تصورها و صمم عليها.
و لا فرق بين أن يستهدف التصميم قتل شخص معين أو أي شخص يتصادف وجوده ( المادة 256 ).
وقد يكون سبق الاصرار معلقا على شرط، أو ظرف، و من أمثلة سبق الاصرار المعلق على شرط: " أن تبيت إمرأة مع عشيقها بنية قتله إذا لم يتزوج منها. و من أمثلة سبق الصرار المعلق على ظرف الشخص الذي يفكر في سرقة بيت و يصمم على قتل الشخص الذي يفاجئه، هذا و تجدر الإشارة هنا أن الخيبة عن الهدف و الخطأ في شخص المجني عليه لا ينفيان سبق الإصرار، فإذا صمم شخص على قتل آخر فترصد له فمر أمامه شخص غير الشخص الذي يريد قتله فأطلق عليه النار فإن ذلك لا ينفي سبق الإصرار و يثبت التصميم في الواقع العملي من بعض الإفعال تفصح عنه.
فمثلا إذا إشترى الجاني سلاحا أو حشى بندقيته أو أخرج سكينا فهذه الأفعال في حد ذاتها لا تفصح عن التصميم ولكن إذا إرتكب القتل فلا شك أنها تدل على وجود التصميم.
ثانيا: الترصد:
عرفت المادة 257 الترصد بأنه " إنتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر و ذلك إما لإزهاق روحه أو للإعتداء عليه " و من خلال هذا النص نلاحظ أن الترصد يفترض سبق الإصرار، فالترصد يعد فعلا خارجيا يدل على التصميم و بالتالي لا يمكن أن يتم الترصد بدون تصميم، إذ الترصد لاحق على التصميم و ملازم له، حيث يستحيل أن يترصد شخص لآخر دون أن يكون قد عقد العزم على قتله أو إيذائه، و لا يشترط في الترصد أن يكون لمدة معينة بل يتم الترصد سواء طالت المدة أو قصرت.
العقوبة: جاء نص المادة 261 بالصيغة العربية غامضا فتضمنت عقوبة الإعدام بالنسبة للقتل، و من خلال مراجعة الصيغة الفرنسية نلاحظ أنها تضمنت عقوبة الإعدام بالنسبة للإغتيال ( القتل مع سبق الاصرار و الترصد )، و تقابل هذه العبارة إصطلاح الفرنسية.
الحالة الثانية: القتل بإستعمال التعذيب و الأعمال الوحشية:
نصت المادة 262 على أنه " يعاقب بإعتباره قاتلا كل مجرم مهما كان وصفه إستعمل التعذيب أو إرتكب أعمالا وحشية لإرتكاب جناية ". نلاحظ أن المشرع إعتبر أعمال التعذيب التي تسبق إرتكاب القتل سببا مشددا للعقاب لأن المجرم الذي يستعمل التعذيب مع المجني عليه ينم عن شراسة و همجية تؤكد على وجود خطورة إجرامية لديه. هذا ولم يحدد القانون أفعال الشراسة و التعذيب، و لذلك يرجع أمر تقدير ذلك الى القاضي. أما أفعال التعذيب المرتكبة بعد القتل فلا تعد ظرفا مشددا لأن القانون يشدد العقاب بالنسبة للأفعال التي ترتكب لتنفيذ القتل.
العقوبة: قرر المشرع عقوبة الإعدام لهذه الجريمة ( م 262 ) .
الحالة الثالثة: القتل المقترن بجناية:
تضمنت المادة 263/1 هذه الحالة بقولها " يعاقب على القتل بالإعدام إذا سبق أو صاحب أو تلى جناية أخر ".
و لا فرق أن يكون القتل مصاحبا للجناية أخرى أو لاحقا أو سابقا عليها، و في هذا الصدد تقوم محكمة النقض الفرنسية بأن أي ظرف من هذه الظروف الثلاثة المحددة في النص يكفي لوجود ظرف الترافق بين القتل و الجناية.
و من خلال مراجعة النص السالف الذكر نلاحظ أنه، لكي تتحقق هذه الجريمة لابد من توافر أربع شروط:
1) ترافق القتل مع جريمة أخرى، و عنصر الترافق هذا يقضي أن يتم القتل قبل إرتكاب الجريمة الأخرى أو بعدها بوقت قصير.
فإذا فصل بين الجريمتين وقتا طويلا فلا وجود للترافق.
2) أن يكون الفعل المرتكب المترافق مع القتل جناية، كأن يكون سرقة موصوفة أو إغتصاب.
3) أن تكون الجريمتان منفصلتين عن بعضهما، و بالتالي ينتفي الترافق المنصوص عليه إذا نتج عن طلقة واحدة من بندقية موت شخصين.
4) أن يكون الجاني في الجريمة المترافقة مع القتل هو نفس الجاني في جريمة القتل، و إذا تعدد الجناة فإنه من الضروري أن يكونوا قد ساهموا في الجريمة بإعتبارهم فاعلين أصليين أو شركاء.
هذا و يتوافر الظرف المشدد ولو كان الفعل شروعا في القتل و كذلك لو يبقى الفعل المترافق في صور الشروع.
العقوبة: عاقب المشرع الجاني في هذه الحالة بالإعدام المادة ( 263 ).
الحالة الرابعة: تلازم القتل مع جنحة
نصت المادة 263/2 على أن يعاقب على القتل بالإعدام إذا كان الغرض منه إما إعداد أو تسهيل أو تنفيذ جنحة أو تسهيل فرار مرتكبي هذه الجريمة أو الشركاء فيها أو ضمان تخلصهم من عقوبتها. و من خلال مراجعة النص نلاحظ أنه لتحقيق هذه الحالة لابد من توافر عنصرين:
1) إرتكاب القتل.
2) إتخاذ الجاني وسيلة لإرتكاب جنحة أو تسهيل إرتكابها أو تسهيل فرار مرتكبيها أو الشركاء فيها أو ضمان تخلصهم من عقوبتها. هذا ولا يكفي كما في الحالة الثالثة وجود تلازم بين الجريمتين بل يجب أيضا أن يكون لجريمة القتل صلة بالجنحة و أن يكون الجاني غرضه إما تسهيل تنفيذها أو تأمين عدم المعاقبة عليها وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بتوافر الظرف المشدد في القتل الذي إرتكب لتسهيل إرتكاب سرقة.
لأن القتل في هذه الحالة إرتكب تمهيدا و إعدادا لإرتكاب جنحة السرقة وقد يرتكب الجاني جنحة السرقة ثم يقدم على إرتكاب القتل ليمكن من الفرار، وقد يقتل الجاني شاهدا ليضمن عدم الملاحقة، و يستوي في نظر القانون أن يكون المجني عليه في جريمة القتل شخصا آخر غير المجني عليه في الجنحة أو أن يكون هو نفسه في الجريمتين معا.
العقوبة: عاقب المشرع الجاني في هذه الحالة بالإعدام.
ثانيا: الظروف المتعلقة بصفة المجني عليه:
* قتل الأصول:
نصت المادة 258 على أنه " قتل الأصول هو إزهاق روح الأب أو الأم أو أي من الأصول الشرعيين. فإذا كان المجني عليه من أصول الجاني فإن الجريمة تعتبر جريمة قتل الأصول.
* عناصر الجريمة:
1) سلوك من الجاني ينطوي على إزهاق الروح.
2) توافر القصد الجنائي لدى الجاني.
3) قيام صلة الينوة بين الجاني و المجني عليه.
المقصود بالأصول: يقصد بالأصل الأب و الأم و الجد و الجدة فما فوق و تقوم الجريمة إذا إرتكب القتل على شخصهم من طرف الفرع، و في مجال إثبات البنوة يجب الرجوع الى أحكام الشريعة الإسلامية، و مسألة الإثبات من إختصاص المحكمة المدنية في الأصل أن للمحكمة الجزائية التي تفصل في القضية الإختصاص في الفصل في قضية النسب.
العقوبة: عاقب المشرع في هذه الحالة بالحكم بالإعدام ( المادة 269 ).
قتل الأطفال حديثي العهد بالولادة
نصت المادة 259 على أن / قتل الأطفال هو إزهاق روح طفل حديث العهد بالولادة ".
عناصر الجريمة: تتمثل هذه الجريمة في ثلاثة عناصر:
1) سلوك من الجاني: تقضي هذه الجريمة أن يصدر من الجاني نشاط يؤدي الى وفاة الطفل، و هذا النشاط يأخذ أحد مظهرين:
أ) إيجابي: يتمثل المظهر الإيجابي لسلوك الجاني في فعل مادي يؤدي إلى الوفاة ( الخنق، القطع بآلة ).
ب) سلبي: يتمثل المظهر السلبي في إتخاذ موقف سلبي تجاه المولود من شأنه أن يؤدي الى وفاته ( ترك الطفل بدون رضاعة أو تعريضه للبرد ).
2) كون المجني عليه طفلا حديث العهد بالولادة:
لقي مفهوم الطفل الحديث العهد بالولادة عناية من طرف الفقه ( 1 ) وقد إستقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على أن تحدث الوفاة في وقت قريب من الولادة و قبل أن تصبح شائعة.
أما إذا وقعت الجريمة بعد الولادة بزمن متأخر فإن الجريمة تصبح قتلا عمدا أو قتلا مع سبق الإصرار. و يكفي لتحقق الجريمة أن يولد المجني عليه حيا ولا يشترط أن يكون قابلا للحياة وقد قضت إحدى المحاكم الفرنسية بتحقق الجريمة ولو أنها وقعت أثناء الولادة وقبل أن يعيش الطفل خارج الرحم.
3) القصد الجنائي: إن هذه الجريمة جريمة عمدية تتطلب القصد الجنائي. و يتمثل في هذه الجريمة في عنصرين.
أ) عنصر الولادة: يعني إتجاه الإرادة الى إزهاق روح الطفل الحديث العهد بالولادة ( إتجاها الى الفعل و النتيجة ).
ب) عنصر العلم: أن يكون الجاني عالما بجميع العناصر القانونية للجريمة و المتمثلة في علمه بأنه يزهق روح طفل حديث العهد بالولادة.
العقوبة: في مجال العقوبة نفرق بين حالتين:
1) إذا كانت الأم فاعلة أصلية في الجريمة أو شريكة في قتل إبنها الحديث العهد بالولادة تكون العقوبة السجن المؤقت من ( 10-20 سنة المادة 261 ).
2) إذا كان الغير فاعلا أصليا في هذه الجريمة أو شريكا: فإن العقوبة تكون بحسب نوع القتل ( قتل عمد، قتل مع سبق الإصرار المادة 261 ).
و علة التمييز هنا أن القانون يخفف عقوبة الأم فاعلة أصلية أو شريكة ولا ينصرف أثر التخفيف إلى الغير لأنه عذر شخصي قرره المشرع لأسباب خاصة بالأم (قد يكون حملها سفاحا أو هناك ظروف أخرى).
التسميم:
نصت المادة 260 على أن التسميم هو: " الإعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي الى الوفاة عاجلا أو آجلا ايا كان إستعمال أو إعطاء هذه المواد و مهما كانت النتائج التي تؤدي إليها.
شدد المشرع العقوبة بالنسبة لمرتكبي هذه الجريمة لأنه ينم على خطورة إجرامية يدل عليها اسلوب إرتكاب الجريمة المتمثل في التحضير الطويل و الدقيق لها.
عناصر الجريمة:
من خلال تحليل نص المادة السالفة الذكر نلاحظ أن الجريمة تتكون من ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: الإعتداء على حياة إنسان:
إن السلوك الصادر عن الجاني في هذه الجريمة لا يتمثل في القتل و إنما في الإعتداء على حياة الإنسان. إذ أن الجريمة تتحقق بمجرد إستعمال الجاني لمواد و تقديمها للمجني عليه بصرف النظر عن النتائج التي تترتب عليها سواء حدثت الوفاة أم لم تحدث. و هذا ما يميز التسميم عن القتل إذ أنه يشترط في القتل موت المحني عليه أما في التسميم فإن الجريمة تتحقق من مجرد الإعتداء على حياة المجني عليه بمناولته مواد يمكن أن تؤدي الى الوفاة أو عدمه.
العنصر الثاني: إستعمال الجاني مواد يمكن أن تؤدي الى الوفاة و هذه المواد قد تكون:
1) سمية: لم يعرف المشرع المقصود بالمواد السمية ولم يحدد نوعها و ترك أمر تقديرها الى القضاء الذي يستعين بأهل الخبرة في هذا المجال.
2) غير سمية: قد تكون المواد التي تناولها المجني عليه غير سمية و لكنها تؤدي الى الوفاة. و قد إستقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على إعتبارها ضمن المواد السمية ( إدخال جرثومة في جسم إنسان ما دامت تؤدي الى الوفاة.
ملاحظة: تتحقق جريمة التسميم من مجرد مناولة الجاني المواد بصرف النظر عن نوعها أو طبيعتها مادامت تؤدي الى الوفاة. و هذا ما يتحقق مع روح النص الجنائي المشار إليه أعلاه.
متى يعتبر الجاني شارعا في جريمة التسميم ؟
يعد الجاني شارعا إذا بدأ في تنفيذ الجريمة ولم تتحقق النتيجة المتمثلة في الإعتداء بسبب خارج عن إرادته. و هنا نفرق بين الشروع الخائب و الشروع المستحيل.
فالشروع الخائب يتمثل في إستنفاذ الجاني لكل نشاطه الإجرامي لكن النتيجـة ( الإعتداء ) لم يتحقق بسبب خارج عن إرادة الجاني.
مثال:
أ) إذا سلم الجاني المواد السمية للمجني عليه و لكن هذا الأخير لم يتناولها لأسباب ما.
- وضع السم في متناول المجني عليه عن طريق مزجه بالطعام ولم يتناوله المجني عليه.
الشروع المستحيل: إن الجاني في الشروع المستحيل يستفيد كل نشاطه الإجرامي ولكن النتيجة لم تتحقق بسبب ظرف مادي يرجع الى الوسيلة.
فإذا سلم الجاني موادا لا تؤدي الى وفاة المجني عليه معتقدا أنها كافية للإعتداء، فإنه يكون قد إستنفذ كل نشاطه الإجرامي.
ولكن النتيجة ( الإعتداء ) لم تتحقق بسبب عدم صلاحية الوسيلة.
فهل يترك هذا المجرم بدون عقاب ؟
هناك ثلاثة اسباب للقول بوجوب العقاب على الشروع في هذه الحالة.
1) إذا نظرنا الى التجريم نظرة شخصية نلاحظ الجاني ينم عن خطوة إجرامية يدل عليها إستنفاذه لطلقاته الإجرامية في الإعتداء على حياة المجني عليه نتيجة مناولته له موادا بعتقد أنها تؤدي الى الوفاة و إتجاه إرادته الإجرامية إلى الفعل و أثاره.
2) إن المشرع عندما إشترط أن تكون المواد المستعملة من الممكن أن تؤدي الى الوفاة، إشترط ذلك لكي تتحقق جريمة التسميم المتمثلة في الإعتداء. أما إذا كانت المواد المستعملة لا تؤدي الى الوفاة أي أنها غير صالحة فإن النتيجة لم تتحقق لوجود ظرف مادي يجهله مرتكب الجريمة، يرجع الى عدم صلاحية الوسيلة و هذا الرأي يتفق مع قصد المشرع في المادة 30 حيث قال ولو لم يكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها.
3) إذا كانت الجريمة الأصلية جناية فإن عدم تحقق النتيجة يعتبر شروعا بحكم القانون إذ أن الشروع في الجنايات مفترض لا يحتاج الى نص خاص ( المادة 30 ) فإذا قلنا بأنه إذا كانت الوسائل المستعملة لا تؤدي الى الوفاة فلا يتحقق الشروع نكون قد خالفنا روح المادة 30 التي تقضي بوجود الشروع في الجنايات. وقد إستقر القضاء في فرنسا على أن الشروع يتحقق ما دام الجاني لديه نية إحداث الوفاة عندما إستعمل مادة غير قاتلة من جهة و من جهة أخرى قد يكون الفعل شروعا في التسميم أو يكون الجنحة المنصوص عليها في المادة 313.
المادة 313 تقول " كل من أحدث للغير مرضا أو عجزا عن العمل بمناولته عن قصد و باية طريقة موادا ليس من طبيعتها أن تؤدي الى الوفاة و لكنها تضر بالصحة يعاقب بالحبس من شهر الى خمس سنوات " في هذه الحالة يكون الجاني في مركز التعدد المعنوي للجرائم و هنا يؤخذ بالوصف الأشد و هو الشروع في التسميم ، أما بالنسبة للتشريع الجزائر فالمرجوع الى نص المادة 275 نلاحظ أنها تضمنت الحالة التي يناول فيها الجاني عمدا و باية طريقة للمجني عليه موادا تضر بصحته دون قصد إحداث الوفاة و هذا الحكم يختلف عن التسميم لأن الجاني في جريمة التسميم يناول المجني عليه مواد مع علمه بأنها يمكن أن تؤدي الى الوفاة أي أن قصده قد إتجه الى الفعل و نتائجه فإذا لم تتحقق النتيجة لأسباب خارجة عن إرادته أو لظرف مادي يرجع الى الوسيلة فإنه يعتبر شارعا، أما بالنسبة لجريمة إعطاء مواد ضارة بالصحة فإننا نكون بصدد فرضين:
الفرض الأول: إذا كان الجاني يهدف فقط الى الإضرار بالصحة دون قصد أحداث الوفاة ينطبق عليه نص المادة 275.
الفرض الثاني: إذا كان الجاني يهدف الى القتل و كان من شأن هذه المواد الضارة بالصحة أن تؤدي الى القتل ينطبق عليه نص المادة 260 ( التسميم ) فإذا ناول المجني عليه هذه المواد يهدف إحداث الوفاة لكن هذه المواد لم تؤدي الى الوفاة يكون شارعا في التسميم و عليه فلا مجال لتطبيق نص المادة 275 على الجاني في الحالة التي يكون قصده من إستعمال المواد إحداث الوفاة عاجلا أم آجلا.
عدول الجاني: إذا عدل الجاني بعد إقتراف الجريمة فلا أثر لهذا العدول من حيث التجريم و إنما قد يكون له أثر من حيث تخفيف العقوبة لأن العدول المعتد به هو الذي يتم قبل إرتكاب الجريمة. فإذا ناول الجاني المجني عليه السم ثم قدم له مضادا فلا يغير ذلك من شيء لأن الجريمة قد تحققت بمجرد تناول السم.
العقوبة: عاقب المشرع على التسميم بالإعدام ( المادة 261 ) و يعاقب على الشروع بنفس عقوبة الجريمة التامة.
القتل الخطأ:
لم تعرف المادة 288 القتل الخطأ و إنما حددت عناصره بقولها " كل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك برعونته أو عدم إحتياطه أو عدم إنتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته الأنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات و بغرامة من 1000 –2000 دج ".
إعتبر المشرع القتل الخطأ جنحة وقرر له عقوبة مخففة لأن الجاني في هذه الحالة لا ينم عن خطورة إجرامية و إنما يرجع إجرامه الى إهمال من جانبه. ولكن إذا إقترن بظروف معينة حددها في المادة 290 تشدد العقوبة.
عناصر الجريمة: تقوم جريمة القتل الخطأ على عنصرين:
1) العنصر المادي: يتمثل العنصر المادي في صدور فعل من الجاني يؤدي الى وفاة المجني عليه مع وجود علاقة سببية بين الفعل و النتيجة.
2) العنصر المعنوي: يعتبر العنصر المعنوي في هذه الجريمة أهم عنصر لأنه يميز القتل الخطأ عن القتل العمد. يتمثل العنصر المعنوي في الجرائم العمدية في القصد الجنائي أو في إتجاه إرادة الجاني الى الفعل و النتيجة مع العلم بالعناصر القانونية للجريمة. فالجرائم العمدية تتطلب إرادة إجرامية، أما العنصر المعنوي في الجرائم العمدية و في مجال القتل الخطأ فلا يقوم على إرادة إجرامية و إنما على اساس خطأ غير عمدي لا ينم على إتجاه إرادة الجاني إليه. و من ثم فإن جريمة القتل الخطأ لا تتوفر فيها نية الجاني في الإعتداء على حياة إنسان و إنما تفترض صدور حطأ منه، فإذا إنعدم الخطأ من جانبه تلاشت الجريمة ( إنعدام الإسناد المادي ).
تعريف الخطأ غير العمدي:
لم يعرف المشرع الجزائر الخطأ غير العمدي و إنما إكتفى بتحديد صوره.
و د عرف الفقه الخطأ غير العمدي بأنه " التصرف الذي لا يتفق مع الحيطة التي تتطلبها الحياة الإجتماعية " ( 1 ).
* عناصر الخطأ غير العمدي: هناك عنصرين
1) الإخلال بواجبات الحيطة و الحذر التي يفرضها القانون.
2) توافر علاقة نفسية تصل بين إرادة الفاعل و النتيجة الإجرامية. فلا يعاقب القانون على السلوك في ذاته، و إنما يعاقب عليه إذا أفضى الى نتيجة إجرامية تكون فيها الإرادة محل لوم القانون. و هذه العلاقة بين الإرادة و النتيجة لها صورتان.
الصورة الأولى: لا يتوقع فيها الجاني حدوث النتيجة فلا يبذل جهدا للحيلولة دونها في حين كان ذلك في إستطاعته و كان من واجبه.
الصورة الثانية: يتوقع فيها الفاعل إمكانية حدوث النتيجة و لكن لا نتيجة لفعله و ذلك بإرادته، بل يرغب فيها و يأمل في عدم حدوثها.
صور الخطأ غير العمدي:
حدد المشرع في المادة 288 صور الخطأ غير العمدي على سبيل الحصر و من ثم يجب على القاضي أن يبين في حكم الإدانة نوع الخطأ المنسوب الى المتهم و هذه الصور هي:
1)- الرعونة:
و يراد بها سوء التقدير و نقص المهارة في عمل مادي أو فكرى.
مثال: العمل المادي أن يوجه صياد بندقيته نحو طير ليصطاده و نتيجة عدم أحكامه التصويب يقتل إنسانا.
و مثال العمل الفكري أن يصف طبيب للمريض علاجا لا يتناسب مع مرضه فيموت على إثر شربه.
2) عدم الإحتياط:
هو الخطأ الذي يرتكبه الشخص المتبصر بالعواقب. فالفاعل يعرف طبيعة فعله يعلم أنه يمكن أن تترتب عليه نتائج ضارة و لكنه لم يتوقع النتائج التي تنشأ عنه لأنه لم يستعمل مواهبه. و يسأل الفاعل جنائيا إنه كان لديه علم بإحتمال حدوث نتائج سيئة.
و تقول محكمة النقض الفرنسية بأن السائق الذي يقود سيارته بسرعة في مكان يزدهم فيه مرور السيارات يعد غير محتاط.
و كذلك الشخص الذي لا يتخذ الإحتياطات اللازمة لمنع حادث.
عدم الإنتباه:
المقصود به إهمال تدبير تقضي به الحكمة، فيقف الشخص موقفا سلبيا فالصيدلي الذي يضع أدويته في قوارير دون أن يكتب عليها اسماء الأدوية و يترتب عليها تقديم دواءا للمريض ليس بدوائه يؤدي الى وفاته.
- إهمال:
هو نسيان أو ترك أمر يستوعب الحيطة و الحذر ( كمن يحفر بئر ولا يقوم بتسويره فيسقط فيه إنسان فيموت.
5) عدم مراعاة الأنظمة:
هو مخالفة ما تقضي به و توجبه الأنظمة على أنواعها كالقرارات الإدارية و اللوائح التي ترمي الى حفظ النظام و الصحة العامة، و يعتبر إهمال تنفيذها ولو كان عن غير قصد خطأ ( بائع اللحم الذي يخالف أوامر الصحة فيسبب تسمم أحد الناس ) أو سائق لا يأخذ بعين الإغتبار إشارات المرور.
العقوبة: عاقب المشرع على الخطأ بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات و الغرامة من 1000 – 2000 دج.
ظروف مشددة: تتطرقت المادة 288.290 الى هذه الظروف و هي:
- إذا كان مركتب الجنحة في حالة سكر.
- إذا حاول التهرب من المسؤولية المدنية أو الجنائية التي يمكن أن تقع عليه و ذلك بالفرار أو بتغيير حالة الأماكن أو بأية طريقة أخرى. و قرر المشرع مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في المادة
القتل العمدي:
تعريف: عرف المشرع الجزائري في المادة 254 القتل العمدي بأنه " إزهاق روح إنسان عمدا " من خلال مراجعة التعريف نلاحظ أنه قاصر من ثلاثة نواحي:
1) لكي يوصف القتل بأنه جريمة لابد أن يتم دون وجه حق لذلك كان يجب على المشرع أن يشير الى وجوب حصول القتل دون وجه حق للدلالة على إنتقاء الجريمة في الحالات التي تتم فيها القتل نتيجة إستعمال حق أو تنفيذ أمر القانون ( الدفاع الشرعي مثلا و تنفيذ حكم الإعدام ).
2) يجب على المشرع أن يشير في تعريفه الى حدوث القتل من شخص آخر للدلالة على إنتقاء وقوع القتل من الإنسان على نفسه ( لتمييزه عن الإنتحار ).
3) يجب على المشرع أن يشير في تعريفه الى ضرورة كون المجني عليه حيا وقت القتل. لأن عبارة روح ليست واضحة لأنه ثبت طبيا أن الإنسان يموت بتوقف قلبه و جهازه التنفسي ثم تبدأ ألا نسجة في التوقف _ موت إلأنسجة ) إذ أن الإنسان لا يموت دفعة واحدة و إنما روحه تنتهي على فترات. و عليه فالإنسان الحي في المجال الجنائي هو الإنسان الذي لم يتوقف قلبه و جهازه التنفسي بعد و هو وحده الذي يصلح ليكون محلا للقتل.
و من خلال هذه الملاحظات يمكن أن نأصل القتل العمد تأصيلا جامعا مانعا على الوجه التالي " القتل العمد هو إزهاق روح إنسان حي عمدا بفعل إنسان آخر دون وجه حق ".
عناصر الجريمة: تتكون الجريمة من عنصرين:
أولا: العنصر المادي: يتمثل العنصر المادي في ثلاثة عناصر:
1)السلوك: لم يضع المشرع وصفا ولا تحديدا لهذا السلوك الذي يصدر من الجاني و عليه فكل فعل يصدر منه يؤدي الى إزهاق روح الإنسان الحي يصلح ليكون عنصرا في الركن المادي و هذا النشاط الصادر من الجاني له مظهرين.
أ) المظهر الإيجابي: و يتمثل في حركة عضلية تصدر من الجاني تؤدي الى الوفاة ( القتل بطلقة من مسدس ).
ب) المظهر السلبي: و هو نشاط سلبي من الجاني تترتب عليه الوفاة.
فهل تتحقق جريمة القتل بالإمتناع؟.
تتحقق جريمة القتل بالإمتناع في حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان الممتنع ملتزما بمقتضى القانون أو العقد لصون حياة المحني عليه و إمتنع عن ذلك تتحقق الجريمة إذا كان الإمتناع هو السبب المباشر في حدوث الوفاة.
مثال: 1) الأم ملتزمة بمقتضى القانون بإرضاع طفلها فإذا إمتنعت عن إرضاعه و مات نتيجة ذلك تتحقق جريمة القتل.
2) الممرضة في مستشفى خاص ملتزمة بمقتضى العقد مع المريض بتقديم الدواء له فإذا إمتنعت و مات المريض تحقق الجريمة.
الخلاصة: تتحقق جريمة القتل بالترك في الحالة التي يكون فيها الممتنع ملتزما بصون حياة المجني عليه بمقتضى العقد أو القانون ولم يتدخل بنية إحداث الوفاة.
الحالة الثانية: إذا كان الإمتناع مسبوقا بفعل إيجابي لا خلاف في الفقه عن مسالة الممتنع في هذه الحالة عن قتل عمدا إذا توافر القصد الجنائي، لأن الإمتناع إذا جاء بعد فعل الجاني فأن هذا الفعل وحده هو الذي يتحمل عبء النتيجة و يكون سببا لها لأن الإمتناع لا يكون إلا تمكينا للفعل الإيجابي من إنتاج أثاره و إستمراره على نحو يؤدي الى تحقيق النتيجة التي يأمل بالفعل الإيجابي تحقيقها.
و في هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية أنه لا نزاع في أن تعجيز شخص عن الحركة بضربة، ضربا مبرحا و تركه في مكان منعزل معدوما من وسائل الحياة بنية القتل، يعتبر قتلا عمدا متى كانت الوفاة نتيجة مباشرة لتلك الأفعال.
وسيلة القتل: لا يشترط أن يتم القتل بوسيلة معينة فقد تكون الوسيلة مادية أو نفسية.
1) الوسيلة المادية: قد تكون الوسيلة المادية قاتلة بطبيعتها ( مسدس ) أو غير قاتلة بطبيعتها و لكنها تؤدي الى الموت بحسب قصد الجاني من إستعمالها (الضرب بعصا ) وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية على وجوب عدم إشتراط وسيلة معينة للقتل.
و كذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه " إذا كانت الأداة التي إستعملت في الجريمة لا تؤدي الى الموت بطيعتها فذلك لا يقلل من أهميتها مادامت المحكمة قد أثبتت إن الإعتداء بها كان بقصد القتل و قد تحقق فعلا بإستعمالها بقوة.
الوسيلة النفسية: جمع الفقه عن إنعدام المانع من إعتبار الوسائل النفسية من وسائل القتل ( التعذيب النفساني لمريض كتنغيص الزوج عن زوجته بقصد قتلها ).
خلاصة: تتحقق جريمة القتل بصرف النظر عن الوسيلة المستعملة سواء كانت مادية أو نفسية مادام هناك علاقة سببية بين سلوك الجاني و الوفاة و مادام قصده الجنائي ثابتا ( 2 ).
محل الإعتداء: لابد أن ينصب سلوك الجاني على إنسان حي غير الفاعل نفسه.
الإنسان: هو كل كائن تضعه المرأة بطريق الولادة، و يخرج من نطاق القتل الجنين قبل الولادة حيث يشكل إعدامه جريمة أخرى هي الإجهاض.
الإنسان الحي: تبدأ حياة الإنسان منذ اللحظة التي ينفصل فيها عن أمه و منذ هذه اللحظة يبدأ الإعتراف القانوني بالحياة حتى اللحظة التي تنتهي فيها هذه الحياة بالوفاة. و عليه يصبح الشخص محل جريمة القتل منذ هذه اللحظة ولكن المشرع الجزائري و الفرنسي إستثنيا الطفل الحديث العهد بالولادة من إمكانية إعتباره محلا لجريمة القتل. و إنما يشكل قتله جريمة أخرى ( قتل الطفل الحديث العهد بالولادة بالنسبة للأم ).
إنتهاء الحياة: تنتهي حياة الإنسان بتوقف قلبه و جهازه التنفسي توقفا تاما و دائما و هذا ما يعتبر عنه في الإصطلاح الفني بموت الفرد و بعد توقف القلب و الجهاز التنفسي تبدأ الأنسجة في التوقف عن العمل و يتم ذلك بعد حوالي ساعتين و هو ما يعبر عنه بموت الأنسجة:
و إنتهاء الحياة يعني عدم صلاحية الإنسان لأن يكون محلا لجريمة القتل
هوية الإنسان: العبرة بحياة الإنسان ولا بهويته و في هذا الصدد تقول محكمة النقض الفرنسية بأن المجني عليه قد لا تعرف هويته و مع ذلك تتحقــق جريمة القتل.
قابلية الإنسان للحياة: يشترط لتحقيق الجريمة أن يكون الإنسان حي ولو لم يكن قابلا للحياة ( لن يعيش طويلا ).
و لا يهم في المجني عليه سوى أن يكون إنسان بصرف النظر عن أي إعتبار أخر ( السن، الجنس، الجنسية ) .
حكم المشوهين: المشوه يعتبر إنسان و يتمتع بالحماية القانونية.
أما إذا وصل التشويه الى درجة تكوينية تخرجه من عداد بني البشر فإن القضاء عليه أمر مباح يناسب المجتمع بل يعد من قبيل الشفقة بالمشوه.
حكم القتل إشفاقا: شكلت هذه المشكلة الفقه و القضاء لأن جوهرها يكمن في أن العدوان الواقع في مثل هذا القتل لا ينبعث عن نفس إجرامية و إنما على العكس عن نفسية رحيمة على الإنسان الذي كان محلا لهذا العدوان ( شخص مريض ميئوس من شفائه يتعذب نتيجة المرض ).
كما سبق أن أشرنا لا يشترط في القتل سوى أن يكون المجني عليه إنسانا حيا ولو كان مريضا مبرحا طالما لم تحن بعد لحظة وفاته الطبيعية فهذا الإنسان يظل محلا لحماية القانون ولا يغير من ذلك أن يكون المريض راضيا بوقوع الفعل عليه، لأن رضاء المجني عليه في مثل هذه الجريمة لا قيمة له كما لا يغير أن يكون الفاعل مدفوعا بدافع السفقة لأن لا عبرة في القانون بالبواعث، و هنالك بعض القوانين تضمنت التخفيف لعقوبة القتل بدافع الشفقة ( اللبناني، السوري، الإيطالي، السويسري) و من الأفضل أن يضمن المنشور الجزائري نصا مخففا لعقوبة القتل بدافع الشفقة لأن المجرم في هذه الحالة ليس مجرما عاديا و لكنه مجرم مثالي يرى إجرامه واجبا عليه مدفوعا لإقترانه بفعل عاصفة نبيلة.
النتيجة: إن النتيجة التي تتولد عن فعل القتل هي إزهاق الروح و هذه النتيجة قد تتحقق إثر النشاط وقد يتراوح تحقيقها زمنا دون أن يؤثر ذلك في مسؤولية الجاني من قتل عمد مادام قصد القتل ثابتا لدى الجاني و توافرت علاقة السببية.
و في هذا الصدد نشير الى حكم لمحكمة النقض المصرية التي أكدت بأنه إذا كان الجاني قد طعن المجني عليه بسكين قاصدا قتله فأحدث جرحا في تجويف الرئة نتجت عنه الوفاة بعد علاج ثمانية و خمسين يوما بالمستشفى فإنه يعد مرتكبا لجريمة قتل عمد.
و النتيجة هنا مدلول مادي يتمثل في الأثر المادي الذي يحدث في الواقع وهو الوفاة.
أما المدلول القانوني للنتيجة فهو عدم مشروعية إزهاق الروح فإذا كان هناك وجه لإباحة القتل فلا جريمة كما في حالة الدفاع الشرعي أو إباحة القتل لأداء واجب كتنفيذ الإعدام على محكوم عليه.
الشروع في القتل: يتمثل الشروع في القتل في إتيان الجاني لفعل يعد بدءا في تنفيذ الركن المادي لجريمة القتل أو إتيان فعل يؤدي حالا و مباشرة الى إرتكاب الجريمة متى كان واضحا و لكنه خاب أثره أو أوقف بسبب لا دخل لإرادته فيه ولو لم تتحقق النتيجة بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها.
و الشروع في القتل قد يكون مرفوقا أو خائبا. و يعاقب على الشروع بنفس عقوبة الجريمة التامة أما بالنسبة للشروع المستحيل فنحن نرى بوجوب العقاب عليه لأنه يماثل الشروع الخائب حيث أن الجاني يستنفذ نشائه الإجرامية و لكن النتيجة لا تتحقق بسبب ظرف مادي يجهله مما يدل على أنه ينم عن خطورة إجرامية تعتبر وحدها كافية لتجريم فعله من جهة و من جهة أخرى فإنه لا يشترط في الجريمة أن تتحقق نتيجتها.
رابطه السببية: يجب أن يقوم بين نشاط الجاني و إزهاق الروح علاقة سببية و هذه العلاقة ذات أهمية من حيث أنها تربط بين عنصري الركن المادي ( الفعل و النتيجة ) فتقيم بذلك و حدة الركن المادي بإسناد النتيجة الى الفعل و بذلك تقرر توافر شرط أساسي لمسؤولية مرتكب الفعل عن النتيجة و هي بذلك تساهم في تحديد المسؤولية إذا لم ترتبط النية بالفعل إرتباطا سببيا و لا تثور مشكلة السببية إذا كان فعل الجاني قد أدى بمفرده الى النتيجة.
( من يطعن شخص فيموت في الحال ) و لكن الصعوبة تثور إذا تعددت العوامل التي ساهمت في إحداث نتيجة واحدة ففي هذه الحالة هل تقوم العلاقة بين الفعل و النتيجة؟ أم هل يجب أن يكون للفعل أهمية خاصة ؟ و مثال أن يطلق شخص عيارا ناريا على آخر فيصيبه في غير مقتل و يكون المجني عليه مريضا بمرض يعاقب أثر الإصابة و يخطىء الطبيب في العلاج أو يهمل المصاب في العلاج بنفسه فيموت، هل تنسب الوفاة الى فعل الجاني أم الى فعل الطبيب أم إلى إهمال المجني عليه ؟.
معيار السببية: تردد القضاء الفرنسي في أحكامه بين نظرية السببية الكافية و نظرية تعادل الأسباب و ذلك طبقا لظروف كل حالة و لمزيد من الشرح راجع كتب النظرية العامة للجريمة.
ثانيا: الركن المعنوي: يتمثل الركن المعنوي في جريمة القتل في القصد الجنائي العام و القصد الخاص.
القصد الجنائي العام: يتمثل في إنصراف إرادة الجاني الى الفعل مع العلم بكافة عناصر الجريمة راجع نظرية القصد الجنائي.
القصد الجنائي الخاص: هو إتجاه نية مرتكب الفعل الى غرض يهدف إليه بنشاطه إلى إزهاق الروح.
العقوبة: عاقب المشرع مرتكب القتل العمد بالسجن المؤبد ( المادة 263/3): …
القتل العمد المقترن بظروف مشددة:
إن القاتل العمد قد يرتكب ظروف تؤدي الى تشديد العقاب على الجاني و هذه الظروف المشددة قد تكون:
1)- إما ظروف خاصة بكيفية إرتكاب القتل.
2)- إما ظروف تتعلق بصفة المجني عليه.
أولا : الظروف الخاصة يكيفية إرتكاب القتل:
تتمثل هذه الظروف المشددة في أربع حالات:
1) القتل مع سبق الأصرار و الترصد.
2) القتل بإستعمال التعذيب و الأعمال الوحشية.
3) القتل المتوافق مع جناية.
4) القتل المتلازم مع جنحة.
الحالة الأولى: القتل مع سبق الأصرار و الترصد:
نصت المادة 255 على أن القتل قد يقترن بسبق الأصرار أو الترصد و يسمى في هذه الحالة بالإغتيال و يوافق هذا التعبير في اللغة الفرنسية كلمة و الجاني عندما يرتكب جريمة في هذه الظروف يقوم بخطورة إجرامية تميزه عن مرتكبي القتل لذلك رأى المشرع وجوب إعدامه.
و قد عرف المشرع كلا من سبق الأصرار و الترصد.
سبق الإصرار: عرفت المادة 256 سبق الإصرار بأنه عقد العزم قبل إرتكاب الفعل على الإعتداء على شخص معين أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته حتى لو كانت هذه النية متوفرة على أي ظرف أو شرط كان.
و قد إستقر الفقه في فرنسا على أنه يلزم لتوافر سبق الاصرار عنصرين:
العنصر الزمني: و مفاده مضي مدة من الوقت بين إتجاه الإرادة الى القتل و تنفيده، و يستفاد هذا العنصر من نص المادة سالفة الذكر التي تقول أن " سبق الاصرار هو عقد العزم " فسبق الاصرار يفترض إتخاذ قرار مسبق .
العنصر الثاني: أن يفكر الجاني تفكيرا هادئا يدبر به إرتكاب الجريمة و يهيئ وسائل تنفيذها.
و خلاصة القول فإن مضي فترة زمنية بين عقد العزم على إرتكاب الجريمة و بين إرتكابها دليل كاف على توافر سبق الاصرار، و إلا نستطيع أن تقرر بأن الجاني لم يرتكب جناية مرتجلة و إنما فكر فيها أو تصورها و صمم عليها.
و لا فرق بين أن يستهدف التصميم قتل شخص معين أو أي شخص يتصادف وجوده ( المادة 256 ).
وقد يكون سبق الاصرار معلقا على شرط، أو ظرف، و من أمثلة سبق الاصرار المعلق على شرط: " أن تبيت إمرأة مع عشيقها بنية قتله إذا لم يتزوج منها. و من أمثلة سبق الصرار المعلق على ظرف الشخص الذي يفكر في سرقة بيت و يصمم على قتل الشخص الذي يفاجئه، هذا و تجدر الإشارة هنا أن الخيبة عن الهدف و الخطأ في شخص المجني عليه لا ينفيان سبق الإصرار، فإذا صمم شخص على قتل آخر فترصد له فمر أمامه شخص غير الشخص الذي يريد قتله فأطلق عليه النار فإن ذلك لا ينفي سبق الإصرار و يثبت التصميم في الواقع العملي من بعض الإفعال تفصح عنه.
فمثلا إذا إشترى الجاني سلاحا أو حشى بندقيته أو أخرج سكينا فهذه الأفعال في حد ذاتها لا تفصح عن التصميم ولكن إذا إرتكب القتل فلا شك أنها تدل على وجود التصميم.
ثانيا: الترصد:
عرفت المادة 257 الترصد بأنه " إنتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر و ذلك إما لإزهاق روحه أو للإعتداء عليه " و من خلال هذا النص نلاحظ أن الترصد يفترض سبق الإصرار، فالترصد يعد فعلا خارجيا يدل على التصميم و بالتالي لا يمكن أن يتم الترصد بدون تصميم، إذ الترصد لاحق على التصميم و ملازم له، حيث يستحيل أن يترصد شخص لآخر دون أن يكون قد عقد العزم على قتله أو إيذائه، و لا يشترط في الترصد أن يكون لمدة معينة بل يتم الترصد سواء طالت المدة أو قصرت.
العقوبة: جاء نص المادة 261 بالصيغة العربية غامضا فتضمنت عقوبة الإعدام بالنسبة للقتل، و من خلال مراجعة الصيغة الفرنسية نلاحظ أنها تضمنت عقوبة الإعدام بالنسبة للإغتيال ( القتل مع سبق الاصرار و الترصد )، و تقابل هذه العبارة إصطلاح الفرنسية.
الحالة الثانية: القتل بإستعمال التعذيب و الأعمال الوحشية:
نصت المادة 262 على أنه " يعاقب بإعتباره قاتلا كل مجرم مهما كان وصفه إستعمل التعذيب أو إرتكب أعمالا وحشية لإرتكاب جناية ". نلاحظ أن المشرع إعتبر أعمال التعذيب التي تسبق إرتكاب القتل سببا مشددا للعقاب لأن المجرم الذي يستعمل التعذيب مع المجني عليه ينم عن شراسة و همجية تؤكد على وجود خطورة إجرامية لديه. هذا ولم يحدد القانون أفعال الشراسة و التعذيب، و لذلك يرجع أمر تقدير ذلك الى القاضي. أما أفعال التعذيب المرتكبة بعد القتل فلا تعد ظرفا مشددا لأن القانون يشدد العقاب بالنسبة للأفعال التي ترتكب لتنفيذ القتل.
العقوبة: قرر المشرع عقوبة الإعدام لهذه الجريمة ( م 262 ) .
الحالة الثالثة: القتل المقترن بجناية:
تضمنت المادة 263/1 هذه الحالة بقولها " يعاقب على القتل بالإعدام إذا سبق أو صاحب أو تلى جناية أخر ".
و لا فرق أن يكون القتل مصاحبا للجناية أخرى أو لاحقا أو سابقا عليها، و في هذا الصدد تقوم محكمة النقض الفرنسية بأن أي ظرف من هذه الظروف الثلاثة المحددة في النص يكفي لوجود ظرف الترافق بين القتل و الجناية.
و من خلال مراجعة النص السالف الذكر نلاحظ أنه، لكي تتحقق هذه الجريمة لابد من توافر أربع شروط:
1) ترافق القتل مع جريمة أخرى، و عنصر الترافق هذا يقضي أن يتم القتل قبل إرتكاب الجريمة الأخرى أو بعدها بوقت قصير.
فإذا فصل بين الجريمتين وقتا طويلا فلا وجود للترافق.
2) أن يكون الفعل المرتكب المترافق مع القتل جناية، كأن يكون سرقة موصوفة أو إغتصاب.
3) أن تكون الجريمتان منفصلتين عن بعضهما، و بالتالي ينتفي الترافق المنصوص عليه إذا نتج عن طلقة واحدة من بندقية موت شخصين.
4) أن يكون الجاني في الجريمة المترافقة مع القتل هو نفس الجاني في جريمة القتل، و إذا تعدد الجناة فإنه من الضروري أن يكونوا قد ساهموا في الجريمة بإعتبارهم فاعلين أصليين أو شركاء.
هذا و يتوافر الظرف المشدد ولو كان الفعل شروعا في القتل و كذلك لو يبقى الفعل المترافق في صور الشروع.
العقوبة: عاقب المشرع الجاني في هذه الحالة بالإعدام المادة ( 263 ).
الحالة الرابعة: تلازم القتل مع جنحة
نصت المادة 263/2 على أن يعاقب على القتل بالإعدام إذا كان الغرض منه إما إعداد أو تسهيل أو تنفيذ جنحة أو تسهيل فرار مرتكبي هذه الجريمة أو الشركاء فيها أو ضمان تخلصهم من عقوبتها. و من خلال مراجعة النص نلاحظ أنه لتحقيق هذه الحالة لابد من توافر عنصرين:
1) إرتكاب القتل.
2) إتخاذ الجاني وسيلة لإرتكاب جنحة أو تسهيل إرتكابها أو تسهيل فرار مرتكبيها أو الشركاء فيها أو ضمان تخلصهم من عقوبتها. هذا ولا يكفي كما في الحالة الثالثة وجود تلازم بين الجريمتين بل يجب أيضا أن يكون لجريمة القتل صلة بالجنحة و أن يكون الجاني غرضه إما تسهيل تنفيذها أو تأمين عدم المعاقبة عليها وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بتوافر الظرف المشدد في القتل الذي إرتكب لتسهيل إرتكاب سرقة.
لأن القتل في هذه الحالة إرتكب تمهيدا و إعدادا لإرتكاب جنحة السرقة وقد يرتكب الجاني جنحة السرقة ثم يقدم على إرتكاب القتل ليمكن من الفرار، وقد يقتل الجاني شاهدا ليضمن عدم الملاحقة، و يستوي في نظر القانون أن يكون المجني عليه في جريمة القتل شخصا آخر غير المجني عليه في الجنحة أو أن يكون هو نفسه في الجريمتين معا.
العقوبة: عاقب المشرع الجاني في هذه الحالة بالإعدام.
ثانيا: الظروف المتعلقة بصفة المجني عليه:
* قتل الأصول:
نصت المادة 258 على أنه " قتل الأصول هو إزهاق روح الأب أو الأم أو أي من الأصول الشرعيين. فإذا كان المجني عليه من أصول الجاني فإن الجريمة تعتبر جريمة قتل الأصول.
* عناصر الجريمة:
1) سلوك من الجاني ينطوي على إزهاق الروح.
2) توافر القصد الجنائي لدى الجاني.
3) قيام صلة الينوة بين الجاني و المجني عليه.
المقصود بالأصول: يقصد بالأصل الأب و الأم و الجد و الجدة فما فوق و تقوم الجريمة إذا إرتكب القتل على شخصهم من طرف الفرع، و في مجال إثبات البنوة يجب الرجوع الى أحكام الشريعة الإسلامية، و مسألة الإثبات من إختصاص المحكمة المدنية في الأصل أن للمحكمة الجزائية التي تفصل في القضية الإختصاص في الفصل في قضية النسب.
العقوبة: عاقب المشرع في هذه الحالة بالحكم بالإعدام ( المادة 269 ).
قتل الأطفال حديثي العهد بالولادة
نصت المادة 259 على أن / قتل الأطفال هو إزهاق روح طفل حديث العهد بالولادة ".
عناصر الجريمة: تتمثل هذه الجريمة في ثلاثة عناصر:
1) سلوك من الجاني: تقضي هذه الجريمة أن يصدر من الجاني نشاط يؤدي الى وفاة الطفل، و هذا النشاط يأخذ أحد مظهرين:
أ) إيجابي: يتمثل المظهر الإيجابي لسلوك الجاني في فعل مادي يؤدي إلى الوفاة ( الخنق، القطع بآلة ).
ب) سلبي: يتمثل المظهر السلبي في إتخاذ موقف سلبي تجاه المولود من شأنه أن يؤدي الى وفاته ( ترك الطفل بدون رضاعة أو تعريضه للبرد ).
2) كون المجني عليه طفلا حديث العهد بالولادة:
لقي مفهوم الطفل الحديث العهد بالولادة عناية من طرف الفقه ( 1 ) وقد إستقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على أن تحدث الوفاة في وقت قريب من الولادة و قبل أن تصبح شائعة.
أما إذا وقعت الجريمة بعد الولادة بزمن متأخر فإن الجريمة تصبح قتلا عمدا أو قتلا مع سبق الإصرار. و يكفي لتحقق الجريمة أن يولد المجني عليه حيا ولا يشترط أن يكون قابلا للحياة وقد قضت إحدى المحاكم الفرنسية بتحقق الجريمة ولو أنها وقعت أثناء الولادة وقبل أن يعيش الطفل خارج الرحم.
3) القصد الجنائي: إن هذه الجريمة جريمة عمدية تتطلب القصد الجنائي. و يتمثل في هذه الجريمة في عنصرين.
أ) عنصر الولادة: يعني إتجاه الإرادة الى إزهاق روح الطفل الحديث العهد بالولادة ( إتجاها الى الفعل و النتيجة ).
ب) عنصر العلم: أن يكون الجاني عالما بجميع العناصر القانونية للجريمة و المتمثلة في علمه بأنه يزهق روح طفل حديث العهد بالولادة.
العقوبة: في مجال العقوبة نفرق بين حالتين:
1) إذا كانت الأم فاعلة أصلية في الجريمة أو شريكة في قتل إبنها الحديث العهد بالولادة تكون العقوبة السجن المؤقت من ( 10-20 سنة المادة 261 ).
2) إذا كان الغير فاعلا أصليا في هذه الجريمة أو شريكا: فإن العقوبة تكون بحسب نوع القتل ( قتل عمد، قتل مع سبق الإصرار المادة 261 ).
و علة التمييز هنا أن القانون يخفف عقوبة الأم فاعلة أصلية أو شريكة ولا ينصرف أثر التخفيف إلى الغير لأنه عذر شخصي قرره المشرع لأسباب خاصة بالأم (قد يكون حملها سفاحا أو هناك ظروف أخرى).
التسميم:
نصت المادة 260 على أن التسميم هو: " الإعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي الى الوفاة عاجلا أو آجلا ايا كان إستعمال أو إعطاء هذه المواد و مهما كانت النتائج التي تؤدي إليها.
شدد المشرع العقوبة بالنسبة لمرتكبي هذه الجريمة لأنه ينم على خطورة إجرامية يدل عليها اسلوب إرتكاب الجريمة المتمثل في التحضير الطويل و الدقيق لها.
عناصر الجريمة:
من خلال تحليل نص المادة السالفة الذكر نلاحظ أن الجريمة تتكون من ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: الإعتداء على حياة إنسان:
إن السلوك الصادر عن الجاني في هذه الجريمة لا يتمثل في القتل و إنما في الإعتداء على حياة الإنسان. إذ أن الجريمة تتحقق بمجرد إستعمال الجاني لمواد و تقديمها للمجني عليه بصرف النظر عن النتائج التي تترتب عليها سواء حدثت الوفاة أم لم تحدث. و هذا ما يميز التسميم عن القتل إذ أنه يشترط في القتل موت المحني عليه أما في التسميم فإن الجريمة تتحقق من مجرد الإعتداء على حياة المجني عليه بمناولته مواد يمكن أن تؤدي الى الوفاة أو عدمه.
العنصر الثاني: إستعمال الجاني مواد يمكن أن تؤدي الى الوفاة و هذه المواد قد تكون:
1) سمية: لم يعرف المشرع المقصود بالمواد السمية ولم يحدد نوعها و ترك أمر تقديرها الى القضاء الذي يستعين بأهل الخبرة في هذا المجال.
2) غير سمية: قد تكون المواد التي تناولها المجني عليه غير سمية و لكنها تؤدي الى الوفاة. و قد إستقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على إعتبارها ضمن المواد السمية ( إدخال جرثومة في جسم إنسان ما دامت تؤدي الى الوفاة.
ملاحظة: تتحقق جريمة التسميم من مجرد مناولة الجاني المواد بصرف النظر عن نوعها أو طبيعتها مادامت تؤدي الى الوفاة. و هذا ما يتحقق مع روح النص الجنائي المشار إليه أعلاه.
متى يعتبر الجاني شارعا في جريمة التسميم ؟
يعد الجاني شارعا إذا بدأ في تنفيذ الجريمة ولم تتحقق النتيجة المتمثلة في الإعتداء بسبب خارج عن إرادته. و هنا نفرق بين الشروع الخائب و الشروع المستحيل.
فالشروع الخائب يتمثل في إستنفاذ الجاني لكل نشاطه الإجرامي لكن النتيجـة ( الإعتداء ) لم يتحقق بسبب خارج عن إرادة الجاني.
مثال:
أ) إذا سلم الجاني المواد السمية للمجني عليه و لكن هذا الأخير لم يتناولها لأسباب ما.
- وضع السم في متناول المجني عليه عن طريق مزجه بالطعام ولم يتناوله المجني عليه.
الشروع المستحيل: إن الجاني في الشروع المستحيل يستفيد كل نشاطه الإجرامي ولكن النتيجة لم تتحقق بسبب ظرف مادي يرجع الى الوسيلة.
فإذا سلم الجاني موادا لا تؤدي الى وفاة المجني عليه معتقدا أنها كافية للإعتداء، فإنه يكون قد إستنفذ كل نشاطه الإجرامي.
ولكن النتيجة ( الإعتداء ) لم تتحقق بسبب عدم صلاحية الوسيلة.
فهل يترك هذا المجرم بدون عقاب ؟
هناك ثلاثة اسباب للقول بوجوب العقاب على الشروع في هذه الحالة.
1) إذا نظرنا الى التجريم نظرة شخصية نلاحظ الجاني ينم عن خطوة إجرامية يدل عليها إستنفاذه لطلقاته الإجرامية في الإعتداء على حياة المجني عليه نتيجة مناولته له موادا بعتقد أنها تؤدي الى الوفاة و إتجاه إرادته الإجرامية إلى الفعل و أثاره.
2) إن المشرع عندما إشترط أن تكون المواد المستعملة من الممكن أن تؤدي الى الوفاة، إشترط ذلك لكي تتحقق جريمة التسميم المتمثلة في الإعتداء. أما إذا كانت المواد المستعملة لا تؤدي الى الوفاة أي أنها غير صالحة فإن النتيجة لم تتحقق لوجود ظرف مادي يجهله مرتكب الجريمة، يرجع الى عدم صلاحية الوسيلة و هذا الرأي يتفق مع قصد المشرع في المادة 30 حيث قال ولو لم يكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها.
3) إذا كانت الجريمة الأصلية جناية فإن عدم تحقق النتيجة يعتبر شروعا بحكم القانون إذ أن الشروع في الجنايات مفترض لا يحتاج الى نص خاص ( المادة 30 ) فإذا قلنا بأنه إذا كانت الوسائل المستعملة لا تؤدي الى الوفاة فلا يتحقق الشروع نكون قد خالفنا روح المادة 30 التي تقضي بوجود الشروع في الجنايات. وقد إستقر القضاء في فرنسا على أن الشروع يتحقق ما دام الجاني لديه نية إحداث الوفاة عندما إستعمل مادة غير قاتلة من جهة و من جهة أخرى قد يكون الفعل شروعا في التسميم أو يكون الجنحة المنصوص عليها في المادة 313.
المادة 313 تقول " كل من أحدث للغير مرضا أو عجزا عن العمل بمناولته عن قصد و باية طريقة موادا ليس من طبيعتها أن تؤدي الى الوفاة و لكنها تضر بالصحة يعاقب بالحبس من شهر الى خمس سنوات " في هذه الحالة يكون الجاني في مركز التعدد المعنوي للجرائم و هنا يؤخذ بالوصف الأشد و هو الشروع في التسميم ، أما بالنسبة للتشريع الجزائر فالمرجوع الى نص المادة 275 نلاحظ أنها تضمنت الحالة التي يناول فيها الجاني عمدا و باية طريقة للمجني عليه موادا تضر بصحته دون قصد إحداث الوفاة و هذا الحكم يختلف عن التسميم لأن الجاني في جريمة التسميم يناول المجني عليه مواد مع علمه بأنها يمكن أن تؤدي الى الوفاة أي أن قصده قد إتجه الى الفعل و نتائجه فإذا لم تتحقق النتيجة لأسباب خارجة عن إرادته أو لظرف مادي يرجع الى الوسيلة فإنه يعتبر شارعا، أما بالنسبة لجريمة إعطاء مواد ضارة بالصحة فإننا نكون بصدد فرضين:
الفرض الأول: إذا كان الجاني يهدف فقط الى الإضرار بالصحة دون قصد أحداث الوفاة ينطبق عليه نص المادة 275.
الفرض الثاني: إذا كان الجاني يهدف الى القتل و كان من شأن هذه المواد الضارة بالصحة أن تؤدي الى القتل ينطبق عليه نص المادة 260 ( التسميم ) فإذا ناول المجني عليه هذه المواد يهدف إحداث الوفاة لكن هذه المواد لم تؤدي الى الوفاة يكون شارعا في التسميم و عليه فلا مجال لتطبيق نص المادة 275 على الجاني في الحالة التي يكون قصده من إستعمال المواد إحداث الوفاة عاجلا أم آجلا.
عدول الجاني: إذا عدل الجاني بعد إقتراف الجريمة فلا أثر لهذا العدول من حيث التجريم و إنما قد يكون له أثر من حيث تخفيف العقوبة لأن العدول المعتد به هو الذي يتم قبل إرتكاب الجريمة. فإذا ناول الجاني المجني عليه السم ثم قدم له مضادا فلا يغير ذلك من شيء لأن الجريمة قد تحققت بمجرد تناول السم.
العقوبة: عاقب المشرع على التسميم بالإعدام ( المادة 261 ) و يعاقب على الشروع بنفس عقوبة الجريمة التامة.
القتل الخطأ:
لم تعرف المادة 288 القتل الخطأ و إنما حددت عناصره بقولها " كل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك برعونته أو عدم إحتياطه أو عدم إنتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته الأنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات و بغرامة من 1000 –2000 دج ".
إعتبر المشرع القتل الخطأ جنحة وقرر له عقوبة مخففة لأن الجاني في هذه الحالة لا ينم عن خطورة إجرامية و إنما يرجع إجرامه الى إهمال من جانبه. ولكن إذا إقترن بظروف معينة حددها في المادة 290 تشدد العقوبة.
عناصر الجريمة: تقوم جريمة القتل الخطأ على عنصرين:
1) العنصر المادي: يتمثل العنصر المادي في صدور فعل من الجاني يؤدي الى وفاة المجني عليه مع وجود علاقة سببية بين الفعل و النتيجة.
2) العنصر المعنوي: يعتبر العنصر المعنوي في هذه الجريمة أهم عنصر لأنه يميز القتل الخطأ عن القتل العمد. يتمثل العنصر المعنوي في الجرائم العمدية في القصد الجنائي أو في إتجاه إرادة الجاني الى الفعل و النتيجة مع العلم بالعناصر القانونية للجريمة. فالجرائم العمدية تتطلب إرادة إجرامية، أما العنصر المعنوي في الجرائم العمدية و في مجال القتل الخطأ فلا يقوم على إرادة إجرامية و إنما على اساس خطأ غير عمدي لا ينم على إتجاه إرادة الجاني إليه. و من ثم فإن جريمة القتل الخطأ لا تتوفر فيها نية الجاني في الإعتداء على حياة إنسان و إنما تفترض صدور حطأ منه، فإذا إنعدم الخطأ من جانبه تلاشت الجريمة ( إنعدام الإسناد المادي ).
تعريف الخطأ غير العمدي:
لم يعرف المشرع الجزائر الخطأ غير العمدي و إنما إكتفى بتحديد صوره.
و د عرف الفقه الخطأ غير العمدي بأنه " التصرف الذي لا يتفق مع الحيطة التي تتطلبها الحياة الإجتماعية " ( 1 ).
* عناصر الخطأ غير العمدي: هناك عنصرين
1) الإخلال بواجبات الحيطة و الحذر التي يفرضها القانون.
2) توافر علاقة نفسية تصل بين إرادة الفاعل و النتيجة الإجرامية. فلا يعاقب القانون على السلوك في ذاته، و إنما يعاقب عليه إذا أفضى الى نتيجة إجرامية تكون فيها الإرادة محل لوم القانون. و هذه العلاقة بين الإرادة و النتيجة لها صورتان.
الصورة الأولى: لا يتوقع فيها الجاني حدوث النتيجة فلا يبذل جهدا للحيلولة دونها في حين كان ذلك في إستطاعته و كان من واجبه.
الصورة الثانية: يتوقع فيها الفاعل إمكانية حدوث النتيجة و لكن لا نتيجة لفعله و ذلك بإرادته، بل يرغب فيها و يأمل في عدم حدوثها.
صور الخطأ غير العمدي:
حدد المشرع في المادة 288 صور الخطأ غير العمدي على سبيل الحصر و من ثم يجب على القاضي أن يبين في حكم الإدانة نوع الخطأ المنسوب الى المتهم و هذه الصور هي:
1)- الرعونة:
و يراد بها سوء التقدير و نقص المهارة في عمل مادي أو فكرى.
مثال: العمل المادي أن يوجه صياد بندقيته نحو طير ليصطاده و نتيجة عدم أحكامه التصويب يقتل إنسانا.
و مثال العمل الفكري أن يصف طبيب للمريض علاجا لا يتناسب مع مرضه فيموت على إثر شربه.
2) عدم الإحتياط:
هو الخطأ الذي يرتكبه الشخص المتبصر بالعواقب. فالفاعل يعرف طبيعة فعله يعلم أنه يمكن أن تترتب عليه نتائج ضارة و لكنه لم يتوقع النتائج التي تنشأ عنه لأنه لم يستعمل مواهبه. و يسأل الفاعل جنائيا إنه كان لديه علم بإحتمال حدوث نتائج سيئة.
و تقول محكمة النقض الفرنسية بأن السائق الذي يقود سيارته بسرعة في مكان يزدهم فيه مرور السيارات يعد غير محتاط.
و كذلك الشخص الذي لا يتخذ الإحتياطات اللازمة لمنع حادث.
عدم الإنتباه:
المقصود به إهمال تدبير تقضي به الحكمة، فيقف الشخص موقفا سلبيا فالصيدلي الذي يضع أدويته في قوارير دون أن يكتب عليها اسماء الأدوية و يترتب عليها تقديم دواءا للمريض ليس بدوائه يؤدي الى وفاته.
- إهمال:
هو نسيان أو ترك أمر يستوعب الحيطة و الحذر ( كمن يحفر بئر ولا يقوم بتسويره فيسقط فيه إنسان فيموت.
5) عدم مراعاة الأنظمة:
هو مخالفة ما تقضي به و توجبه الأنظمة على أنواعها كالقرارات الإدارية و اللوائح التي ترمي الى حفظ النظام و الصحة العامة، و يعتبر إهمال تنفيذها ولو كان عن غير قصد خطأ ( بائع اللحم الذي يخالف أوامر الصحة فيسبب تسمم أحد الناس ) أو سائق لا يأخذ بعين الإغتبار إشارات المرور.
العقوبة: عاقب المشرع على الخطأ بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات و الغرامة من 1000 – 2000 دج.
ظروف مشددة: تتطرقت المادة 288.290 الى هذه الظروف و هي:
- إذا كان مركتب الجنحة في حالة سكر.
- إذا حاول التهرب من المسؤولية المدنية أو الجنائية التي يمكن أن تقع عليه و ذلك بالفرار أو بتغيير حالة الأماكن أو بأية طريقة أخرى. و قرر المشرع مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في المادة
حسين مدية- عدد المساهمات : 1158
تاريخ التسجيل : 28/07/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 03 نوفمبر 2019, 10:41 am من طرف راقية العلم
» حكمة اليوم
الأحد 03 نوفمبر 2019, 10:40 am من طرف راقية العلم
» إلى كل غائب .. وغائبة
الثلاثاء 02 يوليو 2019, 3:39 pm من طرف HALIM32
» اختصـــــــــــــر ما تعــــــــــيشه في عبارة قرأتها من قبـل .
الثلاثاء 25 يونيو 2019, 10:35 am من طرف راقية العلم
» لو صرخت باعلى صوت ماذا تقول؟؟
الثلاثاء 25 يونيو 2019, 9:04 am من طرف HALIM32
» الف مبروك لكل الناجحين .
الجمعة 21 يونيو 2019, 8:22 am من طرف راقية العلم
» مـآذآ تكتب على شآطئ البحر ؟
السبت 08 يونيو 2019, 7:50 pm من طرف راقية العلم
» عيد سعيد لكل أعضاء المنتدى الكرام
السبت 08 يونيو 2019, 6:41 pm من طرف راقية العلم
» رمضان كريم1440
السبت 08 يونيو 2019, 6:36 pm من طرف راقية العلم