أمين مولع بقصة سيدنا يوسف ويعرف أدقّ تفاصيلها معاق ذهنيا يحفظ القرآن

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 يصلّي ويصوم ويحفظ القرآن، يدرك تماما تعاليم ديننا الحنيف ويمتلك وعيا مثيرا للجدل بما يحيط به ينسيك في لحظة أنّه ينتمي لفئة تريزوميا 21، يحفظ القرآن ويواظب على الصلوات، أمله أن يصبح مؤذّنا  وحلمه فتح محل تجاري يمكّنه من تحصيل رزقه لتأدية فريضة الزكاة.
لاتلمح أمين إلاّ مرتديا عباءته البيضاء مواظبا على أداء الصلوات في أوقاتها، غير مضيّع لذّة الخشوع لله خلال رمضان في صلاة التراويح والتهجّد. وبالرغم من أنّ الله أعفاه من أداء الفرائض، تجده حريصا على حضور حلقات الذكر والدروس وحفظ القرآن بالمسجد طيلة فصول السنة حتى لقّب بـ “الحمامة البيضاء”، حيث حظي أمين بمسجد الحيّ خلال رمضان الفائت بتكريمه رفقة حفظة القرآن من طرف إمام المسجد، بعد أن تمكّن من حفظ جزء عمّ وبعض السور القرآنية كسورة يوسف التي يعشقها.
الحديث مع أمين جوابي البالغ 16 عاما يغنيك عن صُحبة ألف عاقلٍ، فأينما توجّهه بدردشتك يكون لك مُؤنسا استطاع بذكائه أن يكسب صداقات وثيقة مع أشخاص يفوقونه سنّا بعد أن نبذه أقرانه بتصرّفاتهم المسيئة اتجاهه، كاسرا بأخلاقه المفاهيم الخاطئة التي ترسّخت في أوساط المجتمع الجزائري حول كيفية التعامل مع مرضى التريزوميا. وبكلمة واحدة ردّد أمين في دردشة مطوّلة أنستنا إعاقته “المجتمع ما يرحمش” فأخذنا الفضول لمعرفة سبب موقفه، فقال “طردت من المدرسة بغير سبب وأنا في الصف الثالث ابتدائي بالرغم من تفوّقي”. وفي غمرة حديثه، اكتشفنا أنّ أمين يمتلك ذاكرة قويّة ويحفظ تفاصيل حياته وعائلته ليكمل قوله “رفضتني المعلمة في أول يوم التحقت به في إحدى المدارس المجاورة لمنزلنا بعد أن أنهك والدي تعب مرافقتي اليومية إلى ابتدائية  تقع بخزرونة”. ولحسن حظّ أمين يقول والده أن جمعية أنيت فتحت فرعا بالبليدة، مما مكّن محبوب البليديّين من مواصلته للدارسة، غير أنّه وقع ضحيّة غياب تكفّل الدولة بهذه الفئة، حيث اضطرّ إلى إعادة مشواره الدراسي من الصف التحضيري بعد إجراءات مطوّلة، كما ضيّع عدّة سنوات قضاها في الإعادة بسبب زملائه، على اعتبار أن قانون التمدرس يستدعي انتقال كافة تلاميذ التريزوميا المتمدرسين إلى القسم الأعلى، حاملا نصب عينيه أمل اجتياز شهادة التعليم الإبتدائي للانتقال إلى المتوسط ثم الثانوي. وبنشوة فرح وافتخار ارتسمت على محيّا والد أمين، روى لنا رفقة زوجته وابنه إبراهيم تفاصيل الهبة التي أكرم الله بها أمين الذي حظي بفرصة زيارة “بيت الله الحرام” بعد أن سمعه أحد المحسنين وهو يؤدّي صلاة المغرب داخل مكتب أحد أصدقاء له يعمل كمسؤول في مركز تسوّق بالبليدة. ويقول صاحب العمرة في حديث مع “الخبر” إنّ عيناه ذرفت دموعا وهو يلمح طفل التريزوميا يرتّل آيات من سورة يوسف بصوت عذب تخشع له الجبال. ويكمن سرّ تحسّن مستوى تفكير أمين في تنشئته والمعاملة التي يتلقاها من طرف عائلته تقول والدته “تربية أمين لم تكن استثنائية، أعامله كشخص عاقل وواع ومدرك بكل ما يحيط به”.جريدة الخبر.