الطفل اليتيم

اليتم في اللغة هو الانفراد... وعرفًا اليتيم هو الذي فقد أحد ابويه الأم أوالأب، فهذا يحتاج الى تربيه خاصه ومربٍ واعٍ باحتياجات هذا الطفل الذي فقد أهم منابع العاطفة والحنان التي كان يستند إليها، وبات مفتقرًا إلى الاشباع العاطفي والاحساس بالأمن ووجود البديل عن والديه، كما يحتاج الى التوافق الاجتماعي مع البيئه الجديده.

الطفل اليتيم هو أحد الفئات التى تتعرض لأزمات بشكل كبير فى مجتمعاتنا العربية، بسبب غياب الوعى بالكيفية الملائمة للتعامل معه، فالطفل اليتيم الذي يوضع في دور رعاية الأيتام يصنف مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ويرجع هذا التصنيف لعدة أسباب أهمها:
1- غياب الأم والأب رمز الحماية والحب والرعاية، وهما ما لا يعوض دورهما أى شخص أخر.
2- غياب الجو الأسرى فى التنشئة الإجتماعية للطفل.
3- تدخل عدد كبير من المؤسسات والهيئات والأشخاص فى تربية الطفل، والتغير الدائم فى صناع القرار بالنسبة له، مما يصعب عليه عملية التوافق والتأقلم التى يبذل فيها جهد من طاقته النفسية، مايلبث أن يزول فى لحظة حين تقرر الأم البديلة أو المديرة التى تعود على قوانينها ووافق أوضاعه معها، أن تغادر المكان فيبدأ فى رحلة أخرى بحثاً عن التوافق والتكيف مع الجديد.
4- انشطار المجتمع فى نظرته لليتيم بين من يسيء التعامل معه، عن سوء فهم أو أفكار مغلوطة سواء دينية أو اجتماعية، وبين من يرون ضرورة تقديم يد العون للطفل اليتيم، ولكنهم يجهلون الطريقة المثلى لذلك، فنقع بين طرفين يصدر عنهما تصرفات عشوائية تؤثر على الطفل وتترك ترسيبات نفسية في مستقبله.
5- عدم وجود نظم ثابتة وإشراف علمى منظم ودقيق يوضح النموذج الأمثل للتعامل مع هذه الفئة، فيدرس احتياجاتها ويحدد طريقة التعامل معها، فيكون الاجتهاد دون فهم التكوينة الأساسية فى أغلب الأحيان.
6- غالباً مالا يتم التفكير فى هؤلاء الأطفال فى الكبر أو ما يتعلق بمستقبلهم وإعدادهم للتعامل بشكل سوي مع المجتمع خارج الدار، بعد أن يحين وقت خروجهم للمجتمع الأكبر، بل يكون التفكير منصبًا على إشباع حاجاتهم الجسدية في أحسن الأحوال.

لكل إنسان فى كل مراحل حياته احتياجات تختلف من مرحلة عمرية لأخرى، إلا أن هناك حاجات إنسانية ثابتة وأساسية تتواجد لدى كل فرد، وفى كل مراحل عمره، يلعب إشباعها دوراً كبيراً فى استقرار حياته وإستمرارها..

ويتم تصنيف الحادات البشرية فى فئتين كبيرتين:
الفئة الأولى: الحاجات الفيزيولوجية، وتشمل حاجة الجسد إلى الطعام, والشراب, والمسكن, والمأوى من البرد والحر, وغير ذلك من الاحتياجات الجسدية البشرية.
الفئة الثانية: وتتضمن حاجات تضمن حياة أفضل وأكثر مناسبة, وهى الإحتياجات النفسية والإجتماعية, وتشمل الحاجة إلى الحب, والتقدير, والحنان, وتقبّل الآخرين للفرد, وتعايش الفرد مع مجتمعه, وإثبات الذات وتقديرها, وغير ذلك من الاحتياجات النفسية والاجتماعية.

لا يختلف الطفل اليتيم عن أى طفل آخر، بل عن أى انسان آخر فى احتياجه بالدرجة الأولى للاحتياجات الفيزيولوجية الأساسية التى تضمن له بقائه وتعد ضرورة للحياة، ثم تظهر الاحتياجات الأخرى نفسية كانت أو اجتماعية... إلا أن أهم الحاجات والتى سوف نختصها بدرجة كبيرة من التوضيح لأهميتها وكونها مطلب أساسي للطفل اليتيم تحديداً لطبيعته التى تحدثنا عنها فى الجزء الأول، وهي حاجته للاحساس بالأمن...

رغم الاحتياجات المتعددة للطفل اليتيم والتى يشابه فيها الطفل فى الأسرة بقدر ما، إلا أن الحاجة للأمن تعد الحاجة الأهم للطفل اليتيم الذى يفتقد قدرًا كبيرًأ منها بشكل أساسي كما شرحنا لغياب الوالدين الذين يمثلان المناخ الطبيعى للأمان الحقيقى للطفل .

ورغم أهمية الإحساس بالأمان والحاجة له, إلا أن هناك عدد من الأمور التى تتم فى دور الأيتام, وعلى يد من يقدمون الرعاية للأيتام, تؤثر على إحساسهم بالأمان وتجعله مطلبًا عزيزًا، ويحدث ذلك عن عدم دراية, أو كما ذكرنا عن محاولات عشوائية تؤثر على احساس الطفل اليتيم بالأمان.. ولانبالغ إن قلنا أن غياب الشعور بالأمن لدى الطفل لايؤثر على شخصيته فحسب، بل ويؤثر على المجتمع بوجه عام, إذ يصبح هؤلاء الأطفال الذين يعانون من غياب الأمن خطرًا يهدد المجتمع بحثاً عن أمنه بالقوة، ويحاول أخذ هذا الأمن بتصدير العنف إلى المجتمع بأسره.